الدول العربية, التقارير, فلسطين, القدس

الكرد: فلسطينيو "الشيخ جراح" مهددون بالطرد في أي لحظة (مقابلة)

نبيل الكرد يتحدث للأناضول عن التهجير الأول لعائلته عام 1948 ومخاوفه من "نكبة ثانية"

09.11.2021 - محدث : 09.11.2021
الكرد: فلسطينيو "الشيخ جراح" مهددون بالطرد في أي لحظة (مقابلة)

Quds

القدس / عبد الرؤوف أرناؤوط / الأناضول

غالبا ما يحاول نبيل الكرد (76 عاما) إضفاء أجواء لطيفة على جلسات المتضامنين معه بمدخل منزله في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، ولكن ذلك لا يخفي مخاوفه من أن يجد نفسه وأبناء عائلته خارج البيت الذي عاش فيه لعقود، قائلا إنني "مهدد بالطرد منه في أي لحظة".

ويكاد الكرد، لا يفارق ليلا أو نهارا منزله المهدد باستيلاء جماعات استيطانية إسرائيلية عليه، تدعي أنه وعشرات العائلات الأخرى أقاموا منازلهم على أرض كانت بـ"ملكية يهودية" قبل عام 1948، وهو ما ينفيه السكان.

وقال الكرد في حديث بفناء منزله للأناضول: "أجلس دائما في الحارة حتى منتصف الليل وفي البيت أبقى مراقبا للحي من خلال الكاميرات، ولذلك فإنني أستيقظ متأخرا لأنني لا أنام إلا بعد الفجر".

وأضاف: "ما ينطبق عليّ ينطبق أيضا على جميع سكان الحي، فالكل قلق ويخشى مما قد يقدم عليه (الإسرائيليون)، لأنهم عندما أخذوا منزلي عائلتي الغاوي وحنون (عام 2009) جاء أكثر من ألف عنصر من الشرطة والمخابرات الإسرائيلية إضافة إلى الخيل والكلاب والسيارات وطردوا الناس بالقوة من منازلها".

وتابع الكرد، ذو اللحية البيضاء: "أخشى في كل لحظة أن يتم طرد أهلي، هذا البيت هو عبارة عن وطن مصغر لي، فقد نشأت وكبرت وتعلمت وتزوجت فيه، وحياتي كلها داخله".

والكرد هو والد التوأم محمد ومنى، اللذين بدأا رصد انتهاكات المستوطنين بالحي منذ صغرهما وتحولا إلى صوت الحي عندما شبّا.

في ساحة قريبة من الفناء حيث تحدث الكرد كانت منى قد حاججت قبل عامين "يعقوب" وهو المستوطن القادم من الولايات المتحدة الذي استولى على جزء من بيت العائلة.

استقطب شريط الفيديو اهتماما عالميا بعد أن قال "يعقوب" في الشريط لمنى: "إذا لم أسرق منزلك فسيأتي شخص آخر ويسرقه".

وتساءل الوالد: "كيف يأتي شخص من الخارج ويدعي أن هذا منزله؟ لقد اعترف بآخر الفيديو بأنه سارق وأنني أنا من بناه، وأنه إن خرج هو منه فسيأتي سارق آخر لسرقته، ولن أدخل أنا البيت.. هذا أكبر دلالة على أنه سارق لبيتي وقد شاهد العالم أجمع هذا الفيديو".

عاش الكرد نكبة عام 1948 طفلا حينما اضطر مع والديه وإخوته إلى الهجرة من مدينة حيفا (شمال) بعد أن كان والده يمتلك مطعما كبيرا بالميناء تحول إلى ركام قبل أن يقيم إسرائيليون مبنى كبيرا على أنقاضه.

وقال: "أصل العائلة من القدس وقد تزوج والديّ فيها، وبعد أن رزقا بطفلتين غادروا جميعا إلى شمال فلسطين وافتتح والدي محلا في حيفا وفي تلك الفترة أقمنا بالناصرة (شمال) التي ولدت فيها ثم في شفا عمرو (شمال) ومن ثم عدنا إلى حيفا التي امتلك والدي مطعما كبيرا فيها".

وأضاف: "أعتقد انه أقيمت عمارة كبيرة في الأرض التي كان فيها المطعم".

وأردف: "في 1948 نشبت الحرب وبدأوا (العصابات الإسرائيلية) بإلقاء براميل الألغام وبالتالي هرب الناس من مدنهم وقراهم ونحن بدورنا ذهبنا إلى القدس واعتقلت الجماعات اليهودية المسلحة (الهاغاناه) والدي وأخذوا المطعم وما زلت امتلك وثائق ملكيته حتى الآن".‎

يشير الكرد إلى أن العائلة توجهت لاحقا إلى الأردن ثم عادت إلى القدس حيث تقيم حتى الآن.

وتابع: "لاحقا ذهبنا إلى صويلح بالأردن وأقمنا فيها 4-5 أيام، ثم عدنا إلى أريحا بالضفة الغربية 4-5 أيام، ثم أقمنا لفترة بسيطة في منزل جدي بحي واد الجوز بالقدس ولاحقا أقمنا في دار صغيرة جدا بمساحة 16 مترا مربعا بالبلدة القديمة وكانت عبارة عن غرفة للنوم والإقامة والدراسة ومطبخ وحمام".

وأوضح أنه "خلال الفترة بين 1954 و1956 تم إبرام اتفاق بين الحكومة الأردنية ووكالة إغاثة اللاجئين للأمم المتحدة (أونروا) يقوم الأردن بموجبه بتقديم قطعة أرض على أن تقوم الأونروا بإقامة منازل للاجئين عليها".

وذكر: "كانت عائلتنا من ضمن 28 عائلة تم قبولها للسكن في الحي وعلى إثر ذلك أبرمت الحكومة الأردنية معنا عقدا، بينما أخذت وكالة الأونروا منا بطاقات اللجوء وأقمنا بالمنازل في 1956".

أقامت العائلة منذ ذلك الحين بالمنزل ولكن لسوء حظ العائلة لم يتمكن الأردن من استكمال تسجيل تلك المنازل بأسماء العائلات.

وقال الكرد: "في أبريل/ نيسان 1967، أرسلت الحكومة الأردنية مسّاحا (مختص مساحة) دخل على البيوت توطئة لتسجيلها بأسماء ساكنيها، ولكن شاءت الأقدار أن تقع الحرب (في يونيو/حزيران) ولم يتمكن الأردن من استكمال التسجيل بعد الحرب".

وأضاف: "كان على إسرائيل أن تُملّكنا (المنازل) فمعروف أن ما تفعله الحكومة السابقة على الحكومة الجديدة أن تستكمله ولكن ما حصل هو أن الأمور أخذت منحنى عكسيا (عقب حرب 67)، إذ وضعت الحكومة الإسرائيلية استراتيجية لكيفية اقتلاعنا من منازلنا وتهجيرنا عرقيا الذي يعتبره العالم جريمة حرب".

فعليا بدأت معاناة العائلات عام 1972 حينما تقدمت جمعيات استيطانية إسرائيلية بدعاوى إخلاء ضد العائلات الـ 28 التي أقامت في الحي.

وأردف: "المحاكم لم تتوقف منذ عام 1972، إذ تم بالإجمال طرد 12 عائلة من الحي، منها عائلة أم كامل الكرد التي تم إخلاؤها من منزلها في 2008، كما تم إخلاء عائلتي حنون والغاوي في 2009".

وبين الكرد أن "كلًا من تلك العائلات الـ12 تفرع منها أكثر من عائلة فمن سكن في 1956 أصبح لديه أولاد وأحفاد يقيمون معه الآن".

واستطرد: "في 2020 تم تجديد الدعاوى ضدنا واستصدروا قرارا من المحكمة المركزية الإسرائيلية بإخلاء 7 عائلات وتوجهنا بالتماس ضدها إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي قدمت تسوية أعتبرها شخصيا بمثابة ألغام".

وتابع أنه "من خلال تلك التسوية يطلب منا الاعتراف بأنهم (المستوطنين) هم المالكون وأنا المستأجر وهو ما يعني قدرتهم على طردي في أي لحظة ولأجل هذا السبب رفضنا التسوية المعروضة".

وأكمل: "قرارنا يحتاج إلى دعم جماهيري في القدس ومن العالم العربي والإسلامي وهو بحاجة إلى مواقف سياسية وبخاصة من الأردن بالتعاون مع السلطة الفلسطينية".

ولفت إلى أن "المسيرة القانونية انتهت لأن كل العملية لم تثبت أن لهم شبر أرض بالمنطقة فلم يستطيعوا تقديم أي أوراق تثبت مزاعمهم عن الملكية فعلى أي أساس يريدون أخذ منازلنا؟".

وتحدث الكرد عن معاناة العائلات الفلسطينية بالمحاكم الإسرائيلية منذ ذلك والمضايقات والاعتداءات التي تعرضوا لها من المستوطنين والسلطات هناك.

وقال: "دائما ما كانوا يتهجمون علينا ورغم وجود كاميرا، كانوا يكذبوننا وعندما نتقدم بشكوى نذهب في الساعة السابعة صباحا ونبقى حتى العاشرة ليلا ويرفضون (الشرطة الإسرائيلية) أخذ الشكوى".

وزاد: "في 2009 أقمت إضافة للمنزل فجاء قاضي من محكمة إسرائيلية وأغلق الباب وفرض غرامة باهظة وأبقى باب هذه الإضافة مغلقا لمدة 9 سنوات ومن ثم فتحه فقط للمستوطنين ورغم وجود أمر هدم فقد منعوني من الهدم وأقام فيه المستوطن".

يخشى الكرد أن يتم تهجير عائلته للمرة الثانية، قائلا: "نحن شعب منذ عام 1948 مغلوب على أمرنا".

وبإصرار ينهي كلامه: "لقد تم تهجيرنا عام 1948 ولكن إن شاء الله لا يتم تهجيرنا مجددا تحت أي ظرف ويجب أن يظهر الحق في نهاية المطاف وأن يحصل كل إنسان على حقه".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın