دولي, التقارير

هل توقف الحملات الشعبية انتزاع أطفال مسلمين من عائلاتهم بالسويد؟ (تقرير)

قضية انتزاع الحكومة السويدية للأطفال من عائلاتهم خصوصا المسلمين عادت لتطرح بقوة مجددا في الأوساط الشعبية العربية والإسلامية

24.02.2022 - محدث : 24.02.2022
هل توقف الحملات الشعبية انتزاع أطفال مسلمين من عائلاتهم بالسويد؟ (تقرير) السويد.. احتجاجات تنديدا بسحب أطفال مسلمين من أسرهم

Rabat

الرباط / الأناضول

ـ قضية انتزاع الحكومة السويدية للأطفال من عائلاتهم خصوصا المسلمين عادت لتطرح بقوة مجددا في الأوساط الشعبية العربية والإسلامية
ـ حراك ازدادت حدته عقب نشر المدون المصري عبد الله الشريف حلقة عبر حسابه على يوتيوب تناولت ظاهرة انتزاع الأطفال المسلمين من عائلاتهم في الدول الأوروبية
ـ عقب الحلقة انتشر بصورة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "أوقفوا خطف أطفالنا"، أعقبه خروج مظاهرات تنديدا بـ"خروقات" في مدن سويدية تنديدا بسحب الأطفال من ذويهم
ـ الحكومة السويدية لم تعقب على التظاهرات التي خرجت تنديدا بسحب الأطفال، فيما نفت الاتهامات الموجهة إليها من جانب الأسر

عقب تفاعل كبير على منصات التواصل في العالم الإسلامي خلال الأيام القليلة الماضية، عادت قضية انتزاع الحكومة السويدية للأطفال من عائلاتهم، خصوصا المسلمين، لتطرح مجددا بقوة في الأوساط الشعبية العربية والإسلامية.

حراك ازدادت حدته عقب نشر المدون المصري عبد الله الشريف حلقة عبر حسابه على يوتيوب، تناولت ظاهرة انتزاع الأطفال المسلمين من عائلاتهم في الدول الأوروبية.

وسلطت الحلقة الضوء على أسر مسلمة، قالت إن مؤسسة الخدمات الاجتماعية السويدية سحبت أطفالها منها دون تقديم مبرر مقبول ولا منطقي لذلك.

وعقب الحلقة انتشر بصورة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "أوقفوا خطف أطفالنا"، أعقبه خروج مظاهرات تنديدا بـ"خروقات" في مدن سويدية تنديدا بسحب الأطفال من ذويهم.

ولم تعقب الحكومة السويدية على التظاهرات التي خرجت للتنديد بسحب الأطفال، فيما نفت الاتهامات الموجهة إليها من جانب الأسر.

وسبق لوزير الاندماج والمهاجرين في السويد أندريه يغيمان، نفي صحة ما يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي من أن بلاده تقوم بانتزاع أطفال الأسر المسلمة والمهاجرة.

واعتبر أن هذه المزاعم غير صحيحة، لافتا إلى وجود حوار مع منظمات المجتمع المدني المسلم حول زيادة الوعي المتعلق بكيفية عمل المؤسسات في السويد.

ويمنح القانون السويدي المتعلق برعاية القصر (تحت 18 عاما) المسنون في سبعينيات القرن الماضي، مؤسسة الخدمات الاجتماعية "سوسيال"، الحق في انتزاع الأطفال من ذويهم إذا أثبتت التحقيقات أنهم غير مؤهلين لتربيتهم، ويرتكبون تجاوزات ضدهم، ومن ثم إيداعهم مؤسسة للرعاية الاجتماعية لحين نقلهم إلى عائلة جديدة.

وقد يمنح القانون مؤسسة "سوسيال" سحب جميع أطفال العائلة، إذا ما تعرض أحدهم لظروف تعتبرها الخدمة الاجتماعية غير مناسبة ضمن الإطار العائلي، مثل العنف، أو عدم القدرة على إعطاء الطفل ما يحتاج إليه من أساسيات.

لكن العديد من المهاجرين، اشتكوا من وجود "تمييز" وعدم التزام بالقانون في عمليات سحب الأطفال من ذويهم فيما يتعلق بتلك الفئة، وأن السحب يتم أحيانا دون التثبت من حقيقة أن هناك أضرارا تلحق بالأطفال، ولذلك كان معظم المشاركين في المظاهرات من المهاجرين وخصوصا المسلمين منهم ومعظمهم عرب.

* حراك مثمر

المفكر والكاتب المغربي إدريس الكنبوري، اعتبر أن الحراك الشعبي في العالم الإسلامي مؤخرا أثمر من خلال إعادة طرح قضية الأطفال المنتزعين من عائلاتهم بقوة على الساحة.

وقال الكنبوري للأناضول: "أعتقد أن الحملة الأخيرة تجاوزت حتى الأوساط الشعبية ليصل صداها للدول المعنية وخارجها".

وأضاف أن "هذه التحركات الشعبية في العالم الإسلامي قابلتها تحركات أخرى على الأرض خصوصا في السويد من قبل الأهالي الذين تم أخذ أولادهم منهم، وخرجوا في عدة مظاهرات بمدن سويدية".

وبحسب الكنبوري، فإن الحراك الشعبي سواء على الأرض أو على مواقع التواصل بدأ يثمر وحرك المياه الراكدة، من خلال خروج مسؤولين سويديين للتعليق والتفاعل مع القضية.

ومضى موضحا: "هناك الآن جمعيات ومنظمات سويدية انضمت إلى الحراك وهذا من شأنه أن يساهم في الدفع نحو التحقيق فيما يتم نشره عن اختطاف الأطفال قسرا من أهاليهم دون أي مبرر".

* ضغط إسلامي

وإلى جانب تصاعد الحراك الشعبي، يرى الكنبوري أن القضية تحتاج أيضا إلى وجوب تدخل المنظمات الدولية للضغط على الدول الأوروبية للتحقيق في هذه الحوادث ووضع حد للشطط فيها.

وبحسب الكنبروي، فإن منظمة التعاون الإسلامي مدعوة على وجه الخصوص للتدخل نظرا لارتفاع عدد الأطفال الذين يتم نزعهم من أهاليهم، وإلى أن 90 بالمئة منهم أطفال مسلمون.

وأردف: "على منظمة التعاون الإسلامي الضغط على السويد من أجل التحقيق فيما يتم ادعاؤه من تجاوزت بحق الأهالي، ومطالبتها بضرورة البحث وتقديم مبررات لارتفاع نسبة الأطفال المسلمين دون غيرهم".

ووفق بيانات "سوسيال"، فإن عدد الأطفال الذين رعتهم دائرة الخدمات الاجتماعية خلال عام 2020، بلغ 27 ألفا و300 طفل، تم وضع 19 ألفا منهم لدى عائلات بديلة، و8300 في دور الرعاية، 58 بالمئة ذكور و42 بالمئة إناث، وذلك في أحدث إحصائية.

* حراك غير مسبوق

ياسر أبوجهيشة نائب مدير المركز الإسلامي بمدينة أوبسالا جنوب السويد، اعتبر أن الحراك الشعبي سواء في السويد أو خارجها غير مسبوق ويمكن أن يساهم في حلحلة هذه المسألة ودفع السلطات إلى إعادة النظر في ممارستها.

وأضاف في حديث للأناضول، أن "الحراك على أهميته يجب أن يمارس بحذر بعيدا عن المبالغة دون دلائل حتى لا يتسبب ذلك بأذى للعائلات المظلومة من خلال استغلال الحملة من أطراف إرهابية وأحزاب يمينية متطرفة تريد زعزعة الأمن الداخلي السويدي".

وأكد أن المراكز الإسلامية في السويد إلى جانب المنظمات الحقوقية تحاول منذ مدة فتح قنوات تواصل ودق أبواب المؤسسات والجمعيات من أجل إيجاد حل لهذه القضية.

وتابع أبوجهيشة: "نؤكد أن هناك تجاوزات في عمليات انتزاع الأطفال من ذويهم".

وأوضح "رغم تواصل المراكز والمنظمات الحقوقية مع إدارة سوسيال ومطالبهم بالتحقيق في التجاوزات التي يدعيها الأهالي، إلا أن المؤسسة لم تتجاوب مع المطالبات".

وأضاف: "التواصل لم يقتصر على المراكز والمنظمات فقط، بل تقدم عدد من السياسيين السويديين لمؤسسة سوسيال بطلب توضيح المعايير التي اعتمدوا عليها عند سحب الأطفال من عائلاتهم".

واستدرك: "لكن طلبهم قوبل بالرفض بدعوى الحفاظ على خصوصية وسرية المعلومات المتعلقة بالأطفال مع أن مثل هذه الحجج غير معمول بها في الدوائر الرسمية السويدية".

* قضية إنسانية

وأكد أبوجهيشة أن قضية نزع الأطفال من ذويهم إنسانية بامتياز، والتدخل فيها بعيد عن أي سبب ديني أو عرقي.

وأضاف "رغم أن نزع الأطفال يطبق على الجميع في السويد بغض النظر عن الدين أو العرق، فإن مصلحة الشؤون الاجتماعية نفسها تشير أن الأطفال الأجانب يتم فصلهم عن ذويهم بنسب أكبر، وهذا ما قد يمكن تبريره بعنصرية بعض العاملين في المصلحة وخاصة المتأثرين بالإسلاموفوبيا".

وتابع: "هناك أخطاء ترتكب في هذه العمليات ولا ندعي أن هناك لوبي يقف وراء ذلك، لكن هذه التجاوزات تدعونا لمطالبة الجهات المختصة بفتح قنوات تواصل مع الأهالي والتحقيق في العديد من الحالات التي يثار حولها مجموعة من الاستفهامات".

وعن خطواتهم المستقبلية قال أبوجهيشة: "قمنا اليوم بالتعاون مع هيئة الرعاية الشبابية التابعة لبلدية أوبسالا بتشكيل لجنة، ستقوم بعرض خدماتها على مؤسسة السوسيال للتواصل مع الأهالي وربط جسور التواصل بينهم وبين المؤسسة والقيام بدور توعوي بحقوق الأطفال".

وأضاف: "تسعى اللجنة كذلك إلى أن تكون جزءا من التحقيقات التي ستقوم بها السوسيال مستقبلا في حال عزمها سحب أطفال من عائلاتهم لضمان وجود طرف ثالث مستقل يساهم في عدم التعسف في مثل هذه الإجراءات".

وختم بالقول: "نمر اليوم بوضع استثنائي وحرج، يتطلب من الجميع تحكيم العقل والقانون، وأخذ ما يروج في الساحة على محمل الجد".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.