الدول العربية

أول انتخابات محلية بتونس بعد الثورة.. استعدادات حثيثة تنتظر الموعد النهائي

تعد الانتخابات المحلية، حسب متابعين للشّأن التونسي، بمثابة امتحان حقيقي ستخوضه الأحزاب نحو تحقيق الحكم المحلّي وتخفيف الضغط على السلطة المركزية

20.03.2017 - محدث : 20.03.2017
أول انتخابات محلية بتونس بعد الثورة.. استعدادات حثيثة تنتظر الموعد النهائي

Tunisia

تونس / يسرى ونّاس / الأناضول

شرعت الأحزاب السياسية بتونس في الاستعدادات الحثيثة للانتخابات المحلية في ظل مقترح لإجرائها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (دون تحديد موعد نهائي بعد)؛ حيث بدأت الخطط والبرامج وإمكانية إنشاء تحالفات فيما بينها أو مع شخصيات مستقلة معنية بالحكم المحلي تتجلّى شيئا فشيئا.

وتعد الانتخابات المحلية، حسب متابعين للشّأن التونسي، بمثابة امتحان حقيقي ستخوضه الأحزاب نحو تحقيق الحكم المحلّي وتخفيف الضغط على السلطة المركزية.

وهذه الانتخابات ستكون الأولى في تونس بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011؛ حيث أُجريت الأخيرة منها عام 2010، في ظل حكم الرّئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الذي أطيح به.

ويبنى التونسيون آمالا عريضة على تلك الانتخابات، وما ستخرجه من مجالس بلدية وجهوية، تكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة المركزيّة، حيث تعمل كل دائرة بلدية وفق ذلك على خدمة مصالحه اليوميّة المؤجلة منذ أعوام في كل ما يتعلّق بالإصغاء إلى مشاكله البيئية والاجتماعية والبنية التحتية وفرص التشغيل وتوفير ظروف استقطاب المستثمرين.

وينظم الباب السابع من الدستور التونسي كل ما يخص السلطة المحليّة؛ إذ ينص في فصله 131 على أن "السلطة المحلية تقوم على أساس اللامركزية، التي تتجسد في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، يغطي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية وفق تقسيم يضبطه القانون".

وسيتم من هذا المنطلق انتخاب أعضاء المجالس البلدية في 350 دائرة بلدية بينها 86 بلدية حديثة العهد و24 مجلساً جهوياً (تابعا للولاية) موزعاً على مختلف الولايات، يتنافس فيها أكثر من 7 آلاف مرشحا.

وتقدّر تكلفة الانتخابات البلدية بنحو 68 مليون دينار تونسي (قرابة 29.5 مليون دولار أمريكي)، وفق أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

هيئة الانتخابات اقترحت، بدورها، أجندة غير نهائية لإجراء هذه الانتخابات، تفتح وفقها أبواب الترشحات الأربعاء 30 أغسطس/آب المقبل، لتغلق يوم الخميس 7 سبتمبر/أيلول، لتنطلق الحملة الانتخابيّة من 4 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 24 من الشهر ذاته.

كما اقترحت الهيئة يوم اقتراع للأمنيين والعسكريين يقع اختياره بين الفترة الممتدة من 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 23 من الشهر ذاته، على أن يكون يوم الاقتراع للعموم يوم الأحد 26 نوفمبر/تشرين الثاني.

وتظل هذه التواريخ غير نهائية، حيث طرحتها الهيئة على الأحزاب للتشاور بشأن تحديد المواعيد النهائية للانتخابات.

كان البرلمان التونسي صادق على القانون المتعلق بالانتخابات البلدية أواخر يناير/كانون ال الماضي، مع منح الحق للقوات المسلّحة (جيش وشرطة) في التصويت خلالها.

الحكومة من جانبها، اعتبرت أنّ "مزيد من تأخير الانتخابات المحليّة قد يكون إشارة سلبية في تونس لذلك فإنه من الضروري إجراؤها في أسرع الآجال".

وأكّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أنّ "إنجاز هذه الانتخابات سيمثل انطلاقة فعلية لمسار اللامركزية في تونس الذّي سيدوم لعشرات السنوات وهو ليس بالأمر الهين".

** إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي

وفي تصريحات للأناضول، قالت انس الحطّاب، عضو البرلمان التونسي عن حركة نداء تونس (67 مقعدا من إجمالي 217)، إنّ "خيار الحركة هو أن تخوض هذه التجربة منفردة مع الانفتاح على جميع من له توجه لمشروع نداء تونس على غرار الشخصيات الجهوية التي تؤمن ببرنامج الحركة".

واعتبرت الحطاب أن "نداء تونس من الأحزاب التي تريد الذهاب في أقرب وقت ممكن إلى الانتخابات البلديّة، وعيا منه بأنها مرحلة لإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي وللتجربة التونسية ككل".

وقالت إنّ "هناك إخلالات كبيرة لواقع التنمية في الجهات والمناطق الدّاخليّة، مع وجود مشاريع معطلّة؛ لأن الصلاحيات التي تتمتع بها السلطة المحلية منقوصة جدّا وهو ما ستعاجله هذه الانتخابات، لاسيما في مسألة التنسيق بين السلطتين المركزية والمحلية".

وطالبت في السياق ذاته "بتوفير الإمكانيات للسلطة المحلية وتوعية المواطنين بأنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة حكم محلي وتحقيق للتمييز الإيجابي بين الجهات التّي يجب عليها أن تثبته في ترجمة كل المشاريع المعطلة على أرض الواقع".

ووفق الحطّاب فإنّ "أهم المطالب التي يتطلع لها التونسيون اليوم هي قرب الخدمات منهم والعمل البلدي المتمثل في المحافظة على النظافة والبيئة وإحداث المشاريع التنموية وإبراز قدرة كل جهة على استقطاب المستثمرين وتوفير مواطن شغل لساكنيها".

من جانبه، تحدث ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق تونس (10 مقاعد)، للأناضول، عن استعدادات حزبه لخوض التجربة الانتخابيّة المحليّة، قائلا: "نستعد وكأن حزبنا سيذهب منفردا إلى هذه الانتخابات، لكن هذا لن يمنعنا من تكثيف الاتصالات مع بقية الأطراف السّياسيّة الأخرى من أجل بحث إمكانية التحالفات سواء على مستوى حزبي أو مع شخصيات جهوية أو أطراف من المجتمع المدني نظرا لدورها الهام في الحكم المحلي".

واعتبر إبراهيم أنّه "بتحديد رزنامة (أجندة) الانتخابات وتاريخ واضح لإجرائها فإن الجميع عندئذ سينضبط وينظر إليها بالجدّية الكافية".

وشدّد أيضا على "جدية الحوكمة واتخاذ القرار المحلي وتحديد ميزانيات البلديات وهو أمر أساسي لتحسين الحياة اليومية للمواطن، وبذلك نشعر بأننا متجهون بالشكل الكافي في تحسين أمور البلاد محليا".

** سرعة حل مشاكل البلديات

حزب حراك تونس الإرادة ( 4 مقاعد) اعتبر من خلال تصريح أمينه العام عدنان منصر للأناضول أنّ "الاستراتيجية الانتخابية بحسب هياكلهم الحزبية في الجهات، قد تقرر الدخول باسم الحزب أو صياغة تحالفات محلية أو دعم قائمات مستقلة، وهو ما سينظر فيه حالة بحالة حسب ظروف كل منطقة".

وأوضح منصر أنّ "برنامج الحزب العام يهدف إلى دعم الحكم المحلي وإمكانيات البلديات وتدعيم شفافية التصرف في الشّأن المحلي، فلكل جهة خصوصياتها البيئيّة والاجتماعيّة وسيفسح المجال لهياكلهم في الجهات لإعداد برامج محلية تتماشى مع تلك الخصوصيات لترجمة برنامج حكم محلي".

وتابع أن "منطق الانتخابات البلدية مختلف تماما عن أي انتخابات أخرى؛ لأنّ الخطة والاستراتيجية الانتخابيّة تحدد وفق ظروف وإمكانيات كل دائرة انتخابية".

وطالب بضرورة "منح إمكانيات أكبر للحكم المحلي، وليس القيام بانتخابات على شاكلة ما قبل الثورة".

وأردف قائلا: "المواطن اليوم ينتظر مشاركة في سلطة القرار وهي فرصة يجب أن لا تفوت على بلادنا، لأنها ستحدّد مستقبلها وأن لا تفقد مصداقيتها بالتعيينات الحزبية على مستوى المعتمديات (المعتمدية هي مقر رسمي للسلطة في المدينة) وهو ما يجب أن نتلافاه"، على حدّ تعبيره.

نور الدّين البحيري، رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان (69 مقعدا)، اعتبر أنّ إجراء "الانتخابات البلدية اليوم أصبح أمرا ضروريا؛ فقد سئم المواطن من الروائح الكريهة الناجمة عن التلوث داخل الأحياء والحيوانات السائبة والبناءات العشوائية التي لا تخضع للتراخيص".

وتابع: "بلادنا اليوم ستدخل في صلب تطبيق الدستور وتكريسه في بنده السابع المتعلّق بالحكم المحلي وهي فرصة للمواطن الذّي يقطن بعيدا عن القصبة (مقر رئاسة الحكومة) وقرطاج (يوجد قصر الرّئاسة) ليشارك في اتخاذ قرارات تهمه في معتمدياته وبلدياته".

وأشار إلى أن "النهضة طالب في مرات عديدة بالإسراع بهذه الانتخابات، ولكن التحالفات بالنسبة لنا في الحركة مؤجّلة في الوقت الحالي، فلابد أن نتفق أولا على الموعد النهائي لينطلق الجميع في الاستعداد والتهيؤ لها".

وفي الوقت الذي طالب فيه هؤلاء المسؤولون بالتسريع بهذا الاستحقاق، دعت أحزاب أخرى على غرار التيار الشعبي (غير ممثل بالبرلمان) والجمهوري (نائب وحيد) والاتحاد الوطني الحر (11 نائبا) والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (غير ممثّل) وتيار المحبة (نائبان) وحزب العمال (5 نواب) وحركة مشروع تونس (21 نائبا)، إلى إجراء الانتخابات في مارس/آذار 2018.

وبررت تلك الأحزاب ذلك بصعوبة الانتهاء من مصادقة البرلمان على قانون الجماعات المحلية، وهي مبادرة تشريعية تقدّم بها نواب وأحيلت إلى البرلمان في مايو/أيار 2016، ولم يتم بعد الشروع في مناقشه والمصادقة عليه.

وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات المحلية بتونس في 2016، غير أن خلافات حول بعض بنود القانون المنظم لها داخل البرلمان حالت دون ذلك.

وسيّر العمل البلدي في تونس عقب ثورة 2011 من قبل النيابات الخصوصية وهي مجالس بلدية مؤقتة غير منتخبة عينت بالتوافق الحزبي.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın