تركيا

ماذا بعد مؤتمر "اليمين الفلسطيني المحافظ" بإسطنبول؟

(مقال رأي)

20.03.2017 - محدث : 20.03.2017
ماذا بعد مؤتمر "اليمين الفلسطيني المحافظ" بإسطنبول؟

Oman

عمان/ حلمي الأسمر/ الأناضول

لم يكن مؤتمر إسطنبول لفلسطينيي الخارج ليثير كل تلك الضجة التي أثارها، قبل وأثناء وبعد انعقاده، لو لم يكن حدثا استثنائيا ألقى حجرا كبيرا في مياه قضية فلسطين الراكدة؟

كان يمكن لهذا المؤتمر، الذي انعقد يومي 25 و26 فبراير/شباط 2017، بمشاركة نحو خمسة آلاف "عضو" من فلسطينيي الشتات، تقاطروا من قارات الأرض كافة، أن يمر دونما أثر حقيقي، لو كان كما أمل البعض أن يكون ظاهرة صوتية، وتظاهرة خطابية.

غير أن ما صدر عن المؤتمر من قرارات أكد أن تلك "التظاهرة" غير المسبوقة، تحولت إلى مشروع عملي يعيد الاعتبار لفلسطينيي الخارج، الذين غُيبوا تماما عن عملية صناعة القرار الوطني الفلسطيني، رغم أن عددهم لا يقل عن عدد فلسطينيي الداخل، وبدا أن الصوت الذي انطلق من إسطنبول، كان بمثابة صوت "اليمين المحافظ" فلسطينيا.

وتجلت "يمينية" مؤتمر اسطنبول في العودة إلى ثوابت القضية الفلسطينية، من قبيل حديث بيانه الختامي الصريح عن "فلسطين التاريخية" من النهر إلى البحر، والدعوة إلى إحياء منظمة التحرير الفلسطينية بميثاقها الأول، قبل أن تتحول إلى ما تحولت إليه، من أداة للتفاوض وتقزيم الحلم الفلسطيني، بعد أن كانت الوطن الرمزي لكل الفلسطينيين، أو وطن المنفى، وفق ما نص عليه ميثاقها الذي يقول أن كل فلسطيني هو عضو في المنظمة، بغض النظر عن مكان إقامته.

والدعوة إلى إحياء هذا المفهوم يعيد تعريف من هو الفلسطيني، ويوحد أبناء الشعب الواحد، و"يلغي" ولو نظريا كل ما أصاب هذا الشعب من تفتيت وشرذمة وانقسام، تبعا لمكان إقامته.

ووفق النظرة الواقعية لهذا الحدث، يمكن أن يكون إحدى روافع إعادة الاعتبار لقضية فلسطين، وإنقاذها من حالة الانهيار المتتابع التي منيت بها نتيجة التغيرات التي أصابت مجالها الحيوي عربيا ودوليا.

ولعل هذا ما التقطه القيادي الفلسطيني جبريل الرجوب، في حديث صحفي أخيرا؛ حينما قال إن ما جرى في اسطنبول "شجعنا لعمل مراجعة شاملة لعلاقتنا بالجاليات الفلسطينية في الشتات، وعمل مفهوم واحد لدورها. هل هي عامل إسناد لنا من خلال مؤسساتها وعلاقاتها في الدول التي تعيش فيها أم هي عنصر ضاغط على القيادة الفلسطينية في الوطن، هذا موضوع يجب حله بجدية".

ويعد هذا التصريح الأول من نوعه، الذي يصدر عن قيادي فلسطيني، ويمكن أن يُعد أحد الآثار الإيجابية لمؤتمر اسطنبول، وهو وإن كان يحمل من التلميح أكثر ما يحمله من تصريح، يكشف مدى اهتمام القيادة الفلسطينية الحالية في رام الله بهذا المؤتمر، وحجم الحضور الشعبي الذي شهده، وما تمخض عنه من قرارات، تشي بأن المؤتمر سيأخذ شكل الديمومة والمأسسة.

ووفق القراءة المتمعنة بقرارات مؤتمر اسطنبول، التي تم تداولها على نطاق واسع في مختلف وسائل الإعلام، وما تبعها من تصريحات للقيادات التي أفرزها بالتوافق، هناك خطوات عملية منتظر اتخاذها، بعد أن اختار المؤتمر مقرا له، وأمانة عامة مؤقتة، ستجتمع في بداية أبريل/نيسان القادم، في بيروت.

وينتظر أن تجيب عن كل الأسئلة التي طرحت حول "ما بعد المؤتمر" الذي سيتحول كما يبدو إلى "جسم" فلسطيني جديد، لا يمكن تخطيه، في حال نجحت عملية مأسسته، وبلورت آليات عمل ووسائل مناسبة، وصولا إلى الهدف الذي يحلم به منظمو المؤتمر، وهو أن يكون العنوان الدائم لفلسطينيي الشتات.

وبدأت اللجان المؤقتة التي شكلها المؤتمر في ترجمة هذا "الحلم" عبر سلسلة خطوات، ستتبلور كما يبدو أكثر بعد اجتماع بيروت المنتظر.

وبدأت تخطو عمليا نحو هذا الهدف، بفتح باب التسجيل لكل من يرغب من فلسطينيي الشتات بأن يكون "عضوا" في المؤتمر، عبر رابط إلكتروني على موقع المؤتمر في شبكة الإنترنت.

والسؤال الكبير الذي يبقى على ألسنة من تابعوا مؤتمر اسطنبول، هو حول مدى قدرته على انتزاع هذه المكانة بأن يتحول إلى عنوان حقيقي لفلسطينيي الشتات، لا سيما بعد أن تجاوز المخاوف التي أثيرت حول كونه يطرح نفسه بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وحول ارتباطه الفصائلي أو بمراكز قوى إقليمية أو دولية، كونه عقد في تركيا، كل هذا وكثير من الأسئلة المشابهة، سيحسمها ما يتمخض عن اجتماع بيروت المنتظر.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın