الثقافة والفن

"جورج بربور".. آخر عنقود صناع السفن الخشبية بلبنان يبحر الرحلة النهاية

وفق حديث جورج بربور (61 عاماً) للأناضول

Wassim Samih Seifeddine  | 23.03.2017 - محدث : 23.03.2017
"جورج بربور".. آخر عنقود صناع السفن الخشبية بلبنان يبحر الرحلة النهاية

Lebanon

صور- جنوب لبنان/ربيع دمج/الأناضول

قد تكون 2017 السنة الأخيرة للحياة المهنية لعائلة "بربور"، تلك العائلة اللبنانية التي اشتهرت على مدار قرنين من الزمان بصناعة السفن والمراكب الخشبية في مدينة صور الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، جنوبي البلاد.
فوفق حديث جورج بربور (61 عاماً) للأناضول، فإنه الوحيد والأخير في العائلة وأيضاً في لبنان، الذي لا يزال إلى اليوم يمارس المهنة، ويقاوم حتى الرمق الأخير للإبقاء قدر المستطاع على إرث العائلة العريق، وعلى إرث بلاده أيضا في تلك الصناعة.
فبعد انصراف شقيقه نحو مهن أخرى أكثر ربحاً، بقي جورج بمفرده وبعض عماله يجاهدون للانتهاء من مركب جديد يصل طوله نحو 9 أمتار وعرض 3 م، وبتكلفة 40 ألف دولار أمريكي، بحسب حديثه.
ورث جورج وإخوته المهنة عن والدهم إيليا بربور (86 سنة) الذي اعتزلها في آواخر العام 2014 بعدما أصبح في سن لا يعينه على العمل، بعد أن صنع وشيّد معظم مراكب الصيد في صور، وبعض مراكب مدن جبيل (مدينة ساحلية) وطرابلس (شمالي لبنان) والعاصمة بيروت بيديه.
ومن أهم وأبرز إنجازات "بربور" الأب، كانت بناء سفينة فينيقية بمواصفاتها القديمة وبشكّلها الضخم، شاركت في معرض دولي أقيم في البرتغال عام 2003، وحصدت المرتبة الثالثة من بين عشرات المشاركات العالمية ضمن هذا الإطار، بحسب جورج.
كما شيد "بربور" الأب أيضاً سفينة أخرى بطول 30 متراً، شاركت في مهرجان قرطاج في تونس عام 2007.
ويُعتبر إيليا بربور، (الذي يجد الصعوبة في النطق حالياً) بحسب ما يخبر عنه نجله جورج، أول من صنع مركبا لبنانيا بحريا سريعا، عام 1970، وكان طوله 25م وعرضه 5م، واطلق عليه إسم "إليسار" تيمناً بملكة قرطاج التي تعود جذورها إلى لبنان ( ملكة فينقية من صور).
ولا يزال هذا المركب "إليسار" موجوداً حتى اليوم في ميناء مدينة جونية البحرية، شرقي بيروت، وأيضا العديد من المراكب التي استقرت في موانئ مختلفة في العديد من دول حوض البحر الأبيض المتوسط، ويلقبه أهل صور بـ"الفينيقي".
ووفق حديث جورج بربور للأناضول، فإن "تراجع مهنة صناعة المراكب تعود لعدّة أسباب أبرزها تضاؤل كمّية الأسماك في البحر اللبناني بعد رحلة طويلة من استخدام الديناميت في عمليات الصيّد فماتت البزرة وتلاشت مع الوقت، وبالتالي صناعتنا تعتمد على صيادي الأسماك، والأسماك قليلة".
ويضيف: "السبب الثاني هو لجوء عدد كبير من الصيادين لشراء المراكب المصنوعة من مادة الفايبر كونها أرخص ولا تحتاج وقتا للتصنيع، كما لا تحتاج للكثير من أعمال الصيانة مثل المراكب الخشبية".
ويستخدم جورج، كما تعلّم من والده وأجداده، في صناعة مراكبه أخشاب شجر الثرو والكينا والزنزلخت، ثم يقوم بطليّها بزيت النفط وبعد ذلك يدهنها حتى ثلاث طبقات كي تقاوم مياه البحر المالحة، وكل فترة 6 أشهر نعيد الدهن.
ويشير جورج إلى أنّه منذ العام 2015 بدأت المهنة تتراجع وتضمحل، وأنه في السنة الواحدة لا يصنع أكثر من مركب وبالكاد يصل إلى مركبين.
وكان آخر إنتاجه، وفق قوله، صناعة مركب كبير يصل طوله 14 متراً وعرضة 9 أمتار لشخص من مدينة صور، سيحوّلها إلى مطعم بحري نقّال يقيم عليه الحفلات والسهرات ضمن جولة إلى عمق البحر وذلك خلال فصل الصيف، ليكون المشروع الأول من نوعه في لبنان عامةّ ومدينة صور خاصة.
"المعلّم جورج" كما يناديه العمال ومن حوله، سيكون آخر العنقود من عائلة "صانعي المراكب" كما يقول، فأولاده اختار كل واحد منهم حياته المهنية بعيداً عن رهان "المراكب" الذي سيكون خاسراً مستقبلاً، وسيصبح اسم "البربور" مجرّد ذاكرة في تاريخ لبنان والصناعات المنقرضة.
تجدر الإشارة إلى أنّ صناعة المراكب في مدن الساحل اللبناني عامة، ومدينتي صور وجبيل خصوصاً تعود الى عهد "الفينيقيين" الذين كانوا أول من تحدّوا الموج بمراكبهم، ورحلوا خلف البحر آخذين معهم أبجديتهم وعلومهم وأرجوانهم (هو اللون الذي اكتشفه الفينيقيون) وصناعاتهم الحرفية وفنونهم نحو العالم.








الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın