أفريقيا

باحثان مغربيان يرصدان "توجها جديدا" للقادة الأفارقة إزاء الغرب

على خلفية تصريحات للرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، ألفا كوندي، دعا فيها الدولة الإفريقية إلى "قطع حبل السري مع فرنسا"

Mohammed Tahiri  | 24.04.2017 - محدث : 24.04.2017
باحثان مغربيان يرصدان "توجها جديدا" للقادة الأفارقة إزاء الغرب

Morocco

الرباط/ محمد الطاهري/ الأناضول

كشف باحثان مغربيان عن ما اعتبراه "توجها" جديدا لدى عدد من القادة الأفارقة في التعامل مع الدول الغربية، على خلفية تصريحات للرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، دعا فيها الدولة الإفريقية إلى "قطع حبل السري مع فرنسا".

وأعاد خطاب ألقاه الرئيس الغيني ألفا كوندي قبل أيام في مكناس المغربية، والذي دعا فيه الأفارقة إلى «قطع الحبل التبعية مع الغرب وفرنسا تحديدا"، موضوع تدخل الدول الغربية في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية.

ففي افتتاح المناظرة التاسعة للفلاحة بمدينة مكناس المغربية، الإثنين الماضي، لم يفوت الرئيس الغيني ألفا كوندي، والذي يشغل حاليا رئيسا للاتحاد الإفريقي، الفرصة لتوجيه رسائل إلى الغرب عموما وإلى فرنسا تحديدا، من أرض المغرب، العائدة حديثا إلى الاتحاد الإفريقي.

ودعا كوندي، الذي حل ضيف شرف على الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، الأفارقة إلى "قطع حبل التبعية للغرب"، كما دعا الدول الإفريقية الفرانكفونية إلى "قطع الحبل السري مع فرنسا".

وقال كوندي إن إفريقيا "لا تريد منه أن يوجهها أو يفرض عليها إملاءاته"، مضيفا أن "على الدول الإفريقية أن ترسم وتحدد مستقبلها بنفسها، وتحدد الديمقراطية التي تناسبها، دون إملاءات خارجية"، مشيرا إلى أن "إفريقيا بإمكانها أن ترسي دعائم ديمقراطيتها بنفسها".

واعتبر أن القارة الإفريقية لا يمكن أن تحقق التنمية دون الاعتماد على نفسها، موضحا أن "هذا يتطلب أن نتحمل مسؤوليتنا، ونعمل على تحقيق تنميتنا بأنفسنا"، وأن الاتحاد الإفريقي "حين يعول على تمويل الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يتقدم إلى الأمام".

وفي رسالة واضحة، قال كوندي "نريد أن نقول للعالم إن إفريقيا اليوم ناضجة، وقادرة على حل مشاكلها بنفسها، ولا تريد أن تتدخل الدول العظمى في شؤونها الداخلية".

وفي تصريح للأناضول، قال الموساوي العجلاوي، الأستاذ الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط (حكومي)، إن تصريحات ألفا كوندي تعكس توجها عند العديد من القادة الأفارقة الجدد تجاه الغرب وتحديد أولويات التنمية في القارة".

وأضاف أن "هناك العديد من القادة الأفارقة وخصوصا في دول غرب إفريقيا التي أصبحت تنتقد الغرب، والذين يقولون أنه لا يحق للغرب أن يطرح شروطا فيما يخص أشكال الحكم التي تمارسها الدول الإفريقية، وأن الأسئلة التي تطرحها الدول الغربية على الأفارقة لا تطرح على بعض الدول الآسيوية" مثلا.

وأشار عجلاوي إلى أن"هناك رؤية تقول أن مسألة تحديد أشكال الحكم وعدد ولايات الحكم أصبحت بابا مفتوحا أمام الدول الغربية للتدخل في الشؤون الداخلية الإفريقية".

وذكر في هذا السياق بتصريحات سابقة وصفها بـ "الحادة" لقادة دول مجموعة "مجموعة 5 بالساحل"، التي تضم مالي والنيجر وبوكينافاسو والتشاد وموريتانيا، "حملوا فيها فرنسا مسؤولية ما يقع من حركات جهادية وعدم استقرار في المنطقة نتيجة تدخلها في ليبيا".

الباحث المغربي لفت أنه "ليس هناك وحدة رؤية إفريقية في التعامل مع الدول الغربية"، لكنه اوضح أن هناك بالمقابل "انتقاد للغرب في إطار: لماذا ينتقد الدول الإفريقية على أشكال الحكم ولا يطرحها على دول آخرى خارج إفريقيا؟".

وعن بروز انتقادات توصف بالحادة من بعض قادة دول غرب إفريقيا الفرانكفونية تجاه فرنسا بالتحديد، اعتبر العجلاوي الأمر راجع إلى كون "فرنسا على مشارف انتخاب رئيس جديد، لذلك فهذه رسائل للقادم إلى قصر الإليزيه".

وقال الباحث المغربي أن "الاتحاد الإفريقي استطاع أن يبلور موقفا فيما يخص الحكم الرشيد والدمقرطة"، معتبرا أن "التحدي بالنسبة لإفريقيا هو الارتباط بين ما هو سياسي على مستوى الحكامة في الحكم، وعلى الأولويات الإقتصادية التي تتيح للمواطن الإفريقي أن يخرج مندائرة الجوع وتأمين الأمن والغداء" سيما أن "جميع النزاعات في إفريقيا نزاعات حول الأمن الغذائي".

وأضاف أن هناك وعيا متزايدا لدى القادة الأفارقة، ومواقف معبر عنها حول "ضرورة أن يثق الأفارقة في أنفسهم ويعتمدوا على أنفسهم، وعلى إمكانياتهم الذاتية"، معتبرا أن هذه المواقف "فيها نوع من العودة إلى خطاب آباء الاستقلال" في إفريقيا.

بدوره وصف خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، تصريح كوندي بكونه "قوي وشجاع".

وقال في تصريح للأناضول، إن "تصريح كوندي الذي يشغل حاليا رئيسا للاتحاد الإفريقي، قوي وشجاع، لأنه صدر عن مسؤول في الاتحاد الإفريقي، كأن إفريقيا من صرحت بذلك".

وأضاف الشرقاوي السموني، أن "توجه الكثير من القادة الأفارقة أنه حان الوقت أن تعتمد إفريقيا على مواردها الطبيعية وإمكانياتها البشرية وعلى قدراتها وكفاءتها، وأن لا تبقى تابعة للغرب، وخصوصا فرنسا"، معتبرا "هذه الدول الغربية يهمها استغلال الدول الإفريقية أكثر ما يهمهما عصرنة إفريقيا ودمقطرتها وتطورها وتنميتها".

وشدد على أن "إفريقيا راشدة وليست محتاجة إلى وصاية، أو إلى طرف آخر يوجهها أو يبين لها مستقبلها، لأن مستقبلها بيدها وبقرارها المستقل بما تملكه من موارد وكفاءات معنوية ومادية ومالية تجعلها تحقق التنمية وأن تنافس الغرب".

وقال الشرقاوي السموني، إن تصريحات قادة أفارقة المنتقدة للغرب "يمكن أن تؤشر على إرادة إفريقية على الاعتماد على نفسها وأن لا تظل مستغلة من طرف جهات خارجية"، موضحا أن "هذه الجهات الخارجية هي الدول الغربية أساسا، التي ظلت تستغل إفريقيا لحوالي قرن، وأحيانا تتركها في الحروب وفي النزاعات المجاعة والإبادة الجماعية".

واختتم بالقول إن "الغرب يعتبر إفريقيا بقرة حلوب، لكن حان الوقت أن تعطي هذه البقرة الحليب لأبنائها، أي الأفارقة»، وأن «الشعوب الإفريقية محتاجة لدول قوية مستقلة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.