الدول العربية, أخبار تحليلية

بعد 4 سنوات على "تفويض" مواجهة الإرهاب بمصر .. مواجهة لم تنته

في ذكرى مرور 4 أعوام على مطالبة وزير الدفاع وقتها والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الحصول على تفويض من الشعب المصري لمواجهة "الإرهاب المحتمل"

26.07.2017 - محدث : 26.07.2017
بعد 4 سنوات على "تفويض" مواجهة الإرهاب بمصر .. مواجهة لم تنته

Al Qahirah

القاهرة/ عبدالغني محمد/ الأناضول-

4 سنوات مضت على التفويض، الذي طلبه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عندما كان وزيرًا للدفاع، لمواجهة "الإرهاب المحتمل".

تحول التفويض من "شعبي" إلى مؤسسات بالدولة داعمة لهذا التوجه، لكن لم تتغيّر الأمور كثيرًا حيث باتت المواجهات شبه يومية مع العمليات الإرهابية لتتحول إلى واقع في حياة المصريين.

ووفق أحاديث منفصلة أجرتها الأناضول، عبر الهاتف مع خبراء وسياسيين، فإن تداعيات تفويض السيسي بعد 4 سنوات، بين طرحين.

الأول أنه تحول من "شعبي" إلى "مؤسسي" عبر مؤسسات بالدولة داعمة، وسط تأكيد رسمي بأن العمليات الإرهابية تقل.

في مقابل طرح ثان يرى أن التفويض لم يجدِ في مواجهة الإرهاب، الذي تحول لواقع.

وفي 24 يوليو/ تموز 2013، طالب السيسي، في خطاب بمقر عسكري، شمالي البلاد، المصريين بالنزول للشوارع، فيما سُمي بجمعة "التفويض" 26 يوليو 2013 لمواجهة ما أسماه "الإرهاب المحتمل".

يومها نزل الميادين مؤيدون يرفعون صورة السيسي، عدتهم وسائل إعلام مؤيدة له وقتها "ملايين"، في مقابل حشود مضادة في ميادين أخرى، وفق تقديرات معارضة، كانت تعترض على الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا من منصبه قبلها بنحو 3 أسابيع.

وطيلة السنوات الأربعة، شهدت محافظات مصر عمليات إرهابية شبه مستمرة تتعرض لها مواقع أمنية لاسيما في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق)، دون إحصائيات رسمية.

ومؤخرا شن تنظيم "داعش" الإرهابي، هجمات ضد مسيحيين مصريين، خلفت عشرات القتلى والمصابيين، وتسببت في فرض حالة الطوارئ بكافة أنحاء البلاد في إبريل/ نيسان الماضي، لمدة 3 أشهر، تم تجديدها مؤخرا مرة أخرى بمدة زمنية مماثلة.

ووسط مواجهات عسكرية وشرطية للإرهاب، تقول تقارير حقوقية محلية ودولية في هذه الفترة إن هناك "انتهاكات" واسعة بمصر لحقوق الإنسان، وهو ما تنفيه السلطات المصرية.

** الطرح الأول: إرهاب يقلّ وتفويض مؤسسي

وفق تقارير صحفية، لم تغب ذكرى "التفويض" عن أحاديث "السيسي" بشكل لافت، منوها لها 6 مرات في الأعوام الأربعة، أحدثها في لقاء متلفز، الإثنين الماضي، خلال مؤتمر شمالي البلاد، مشيدا بالتفويض في مكافحة الإرهاب.

وأكد الرئيس المصري، في اللقاء الذي بثه التلفزيون الحكومي، أن"الدولة استطاعت فرض الأمن بقوة، والعمليات الإرهابية تراجعت في سيناء (شمال شرق) والإعلام مطالب بتسليط الضوء على ذلك".

ومتسقا مع الطرح الأول، يقول جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان (حكومية)، للأناضول، إن "التفويض كان مرتبطا بمواجهة الإرهاب، ولا يزال قائما إلا أنه تغير بالتغيرات التي طرأت على شكل الإرهاب الذي تواجهه مصر".

ويوضح أن "شكل التفويض في مواجهة الإرهاب تحول من شعبي لمؤسسي، وحاليا توجد مؤسسات أمنية ومدنية مؤيدة للسيسي بشكل كامل في رؤيته لمكافحة الإرهاب".

ويضيف أن "من خرجوا في الشوارع لتفويض السيسي في مكافحة الإرهاب لا يزالون على الرؤية ذاتها، في هذه النقطة تحديدا".

واستدرك بالقول "ربما لا يرضون عن أدائه السياسي والاقتصادي لكن في ملف الإرهاب لو سنحت الفرصة لتفويضه مرة أخرى سيفعلون".

ويزيد جهاد عودة أن "نظام السيسي كفء لا يهتم بالشعبية لكنه منشغل بالإنجاز"، مضيفاً"لكن عدم الاهتمام بالحفاظ على قاعدته الشعبية، سيضره في الانتخابات الرئاسية في 2018 ﻷن خصومه السياسيين سيلعبون على الإخفاقات في الحشد ضده".

ويرى سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، أن شعبية السيسي، الذي أطلق التفويض قبل سنوات، "تتراجع".

إلا أنه يستدرك، في حديث للأناضول، قائلا إن "السيسي يحظى بدعم أمريكي وخليجي وتأييد من المؤسسات وهذا يكفي".

** الطرح الثاني: تفويض يتقلص وإرهاب يستمر

في المقابل، كانت خطوة الإعلان عن التفويض قبل 4 سنوات محل رفض بارز من شخصيات مصرية خشية تداعياتها السلبية.

ويسترجع الدبلوماسي السابق، معصوم مرزوق، في حديث للأناضول، تفويض السيسي قائلا، : "يومها قلت لمؤيدي الدعوة لن تجدوا من يدافع عنكم في المستقبل".

ويضيف مرزوق، وهو سياسي يساري بارز، أن التفويض "كان بداية لحالة الانهيار، التي وصلت لها مصر، حتى أن تداعياتها السلبية جاءت على شعبية السيسي".

وأرجع ذلك إلى "عدم وفاء" السيسي بكثير من تعهداته للمصريين في مواجهة الإرهاب، وسط حالة من ارتفاع الأسعار يعاني منها معظم المصريين.

وفي هذا الإطار، يذهب القيادي اليساري مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي، للأناضول، إلى أن التفويض "لم ينجح في القضاء على الإرهاب الذي كان محتملا وقتها وصار واقعا وسمح بتشديد العقوبات والجور على الحقوق والحريات".

ويضيف أن "مكافحة الإرهاب قضية مجتمعية لن تستطيع أي دولة النجاح بمؤسساتها بعيدا عن الشعب (..) والشعارات التي رفعها المصريون في ثورة (يناير 2011) من العدل والحرية والكرامة هي أساس للمواجهة، مع الاشتراط أن توجد في بيئة ديمقراطية تشاركية".

** مطالب بتغييرات جذرية

واتساقا مع الشق الأخير، يقول الخبير الأمني المصري، محمود قطري، للأناضول، إن المنهج الذي تعتمده الدولة المصرية حاليا في مكافحة الإرهاب يحتاج إلى "تغييرات جذرية".

ويوضح "قطري"، وهو عميد شرطة سابق، أن التفويض لم يُجد ﻷن الشرطة هي الأقدر على مواجهة الجماعات المتطرفة وليس القوات المسلحة كونها ليست حربًا بين دول.

ويلفت إلى أن المواجهة تتطلب "إنشاء منظومة أمن وقائي، تقوم على عسكري الدرك، وهو نظام مصري كان موجودا في السابق ويقوم على عمل ارتكازات أمنية ثابتة بالشوارع والميادين، أو من خلال كاميرات المراقبة".

وبحسب قطرى، فإن "هناك رغم ذلك نجاحات فردية للضباط والأفراد تحققت في ملف مكافحة الإرهاب".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.