الدول العربية, التقارير

رئيس كتلة "النهضة" بالبرلمان التونسي: المصالحة الشاملة خيار استراتيجي للحركة

نور الدين البحيري شدّد في مقابلة مع الأناضول على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية "في أقرب الآجال" .

10.10.2017 - محدث : 10.10.2017
رئيس كتلة "النهضة" بالبرلمان التونسي: المصالحة الشاملة خيار استراتيجي للحركة

Tunisia

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول

قال نور الدين البحيري، رئيس كتلة حركة "النهضة" في البرلمان التونسي، إنّ مصادقة الحركة لصالح قانون للمصالحة مع موظّفين حكوميين، كان تجسيدا للمصالحة الشاملة، كـ "خيار إستراتيجي" لحركته.

وفي مقابلة مع الأناضول، رفض البحيري أن يكون حرص "النهضة" على التوافق مع حركة "نداء تونس" (58 نائبا) نابع من خوفها من موقع المعارضة، أوتوقّيا من مضاعفات واقع إقليمي ودولي مناهض للتيار الإسلامي الذي تحسب عليه الحركة.

كما نفى أيضا وجود "رفض شعبي" لقانون المصالحة مع موظّفين، أو كما يصطلح على تسميته محلّيا بقانون المصالحة الإدارية.

وفي 13 من سبتمبر/ أيلول الماضي، صادق البرلمان التونسي، بالأغلبية، على مشروع قانون للمصالحة في المجال الإداري مع ألف و500 موظف حكومي، ممن يشتبه بارتكابهم "الفساد المالي"، و"الاعتداء على المال العام".

وقال البحيري: "لو صح خروج مليون ونصف تونسي اعتراضا على هذا القانون عقب المصادقة عليه، لقلنا إن هناك رفضا شعبيا لهذا القانون، لكن الشارع ترجم صورة حقيقية عما حصل، وتجاهل التونسيون دعوات التظاهر (ضد القانون) رغم حجمها الإعلامي الكبير".

وربط البحيري بين موافقة حركته على قانون المصالحة واختياراتها الإستراتيجية قائلا: "نحن حركة اختارت الدفاع على المصالحة الشاملة، ونحن أول من دعا إلى المصالحة الشاملة لحلّ ملفات الماضي، ونحن الذين اخترنا العدالة الانتقالية لعلاج مشاكل الماضي".

وتابع، من مكتبه بمقر البرلمان التونسي: "كان من الممكن أن نتبنى خيارات أخرى مثلما فعل غيرنا، لكننا كنّا مقتنعين بأنّ وضع البلاد لا يحتمل تعميق جراح الماضي، أو الزجّ بها في فتن وفي حرب أهلية، أو في حالة تحارب بين القديم والجديد".

وحذّر البحيري من خطر "إجهاض" الثورة التونسية، تماما كما حدث لتجارب أخرى في العالم، لافتا أنّ "التجربة التونسية -على ما تعيشه من صعوبات اقتصادية واجتماعية وسياسية- تتقدم ولو ببطء نحو تحقيق أهدافها، ونحو استكمال البناء الديمقراطي".

لا مخاوف من انقسام الحركة

رغم وجود بعض التباينات بين أعضاء كتلة "النهضة" خلال المصادقة على قانون المصالحة الإدارية، قال البحيري إنّ "مجلس شورى الحركة صادق، في آخر دورة له، بأغلبية أعضائه الحاضرين، مع اعتراض اثنين فقط، على نفس ما انتهينا إليه من تصويت في البرلمان" (لصالح القانون)".

وبدا البحيري واثقا وهو يقول: "لا خشية على وحدة الحركة طالما ظلّت حاضنة لجميع الآراء والمواقف، وحامية لحق كل واحد من أبنائها في التعبير عن رأيه بكل حرية وكل استقلالية".

كما رأى أنه "لا خشية على وحدة الحركة طالما إلتزم أبناؤها باحترام قاعدة التدافع (التنافس) بين أبنائها في إطار المؤسسات، من خلال البحث عن التوافق".

و"في حال استحال التوافق"، يتابع، فإنّ الحكم يكون برأي الأغلبية "دون إذلال ودون تعدٍّ على حق الأقلية في التعبير عن رأيها".

وفي هذا السياق، أعرب البحيري عن أسفه لاستقالة عضو من كتلة الحركة بالبرلمان، اثر التصويت على القانون.

وقال إن "استقالة نذير بن عمو الذي هو مرشح مستقل في كتلة الحركة، آلمتنا وآلمت كل شريك وصديق للحركة، وللأخ نذير أن يختار الوضع الذي يرتاح فيه، ويبقى أخا وصديقا له مكانة بين أبناء الحركة والكتلة، لأنّ الكتلة ليست سجنا وكذلك الحركة".

"غلّبنا مصلحة تونس على شعبية الحركة"

وفي معرض ردّه على ما ذهب إليه بعض أبناء "النهضة" وخبراء من أنّ "الحركة تضحي بشعبيتها عبر مضيّها في خيارات سياسية واقتصادية لا تصبّ في مصلحة الفئات الشعبية"، قال البحيري: "نحن حزب وطني جامع ذو خلفية إسلامية".

وأضاف أنّ "النهضة حزب يريد أن يكون خيمة لأوسع طائفة من التونسيين، من الطبقات الفقيرة والمتوسطة وغيرها، بصرف النظر عن الانتماءات الطبقية والفئوية والجهوية، ولذلك نحن نقول إنّ إكراهات الوطن هي المحددة لخياراتنا".

وشدّد على أن "خياراتنا ليست مبنية على أسس أو مصالح حزبية، وليس مطلوب منا الإجابة عن سؤال كيف تنجح النهضة، بل مطلوب منا الجواب كيف تنجح تونس وتنجح النهضة وتنجح جميع الأحزاب الوطنية".

وحذّر البحيري من أي خيار غير توافقي، وأكد على أن "خياراتنا لا تكمن في أن تكون النهضة واسعة الشعبية في ظل دولة منهارة ومقسمة ومفتتة، وفي ظل وضع تسيل فيه الدماء بين التونسيين وغير التونسيين ممن سيحشرون أنوفهم بيننا، علما انه لا يمكن لأيّ حزب أن يكون قويا إذا انهارت الدولة".

اختيار رئيس لهيئة الانتخابات.. ضرورة قصوى

البحيري أعرب عن "أسفه الشديد" لـ "عدم التوصل إلى توافق حول رئيس لهيئة الإنتخابات" خلال آخر جلسة عامة للبرلمان.

واعتبر أنّ "موضوع اختيار رئيس للهيئة موضوع لا يتعلق بشهوات حزبية ولا خيارات فئوية، بل هو موضوع يهم مؤسسة من أهم مكاسب الثورة التونسية، والضامنة لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية، والعملية الديمقراطية عموما".

وبالنسبة للبحيري، فإن حركته تطالب بالتعجيل باستكمال تركيبة الهيئة وانتخاب رئيسها لمواجهة "الأوضاع الكارثية في البلديات".

واختار البحيري ألا يوجّه تهمة عدم التوصّل لاختيار رئيس جديد للهيئة لكتلة "نداء تونس"، مكتفيا بالقول: "للأسف الشديد، فشلنا في اختيار رئيس للهيئة رغم حاجة البلاد الأكيدة" لذلك.

وفشل البرلمان التونسي، في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، للمرة الثانية، في انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات (مستقلة)، خلفاً لشفيق صرصار الذي استقال في مايو/أيار الماضي.

وحصل المرشح نبيل بفون على 73 صوتاً، فيما حظي منافسه أنيس الجربوعي بـ68 صوتاً، ، فيما احتسبت 6 أوراق بيضاء وألغيت اثنتان، من بين أصوات 149 نائباً شاركوا في عملية التصويت، من أصل نواب البرلمان الـ 217.

ونفى البحيري حصول اتفاق بين كتلتي "النهضة" و"نداء تونس" يقضي بتمرير قانون المصالحة الإدارية مقابل تسديد الشغور في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

واعتبر البحيري أن إدراج المصالحة الإدارية بالدورة الاستثنائية للبرلمان "كان خيارا مبدئيا مبنيا على أساس قرارات مؤسسات الحركة (النهضة)، ومبني أيضا على تقدير مفاده أنّ التعديلات الجوهرية التي أدخلت عليه جعلته ينسجم مع أحكام الدستور والعدالة الانتقالية، ومصلحة وطنية اخترناها في إطار رؤيتنا لخيار المصالحة الشاملة بالبلاد".

ووفق البحيري، فإن "القانون تعرض لحملة تشويه خطيرة جدا، انبت على المقترح الأول الذي قدمه رئيس الجمهورية، والذي كان فيه مساس وتدخّل بالعدالة الانتقالية، من خلال اقتراح قانون مصالحة مع رجال الأعمال الذين استولوا على المال العام بحكم علاقتهم بالعائلة الحاكمة" في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

وشدّد على أنه "تمّ تجاوز المشروع الذي قدمه الرئيس الباجي قائد السبسي (في 2015)، وقد تم تغييره بشكل جوهري".

التعجيل بالانتخابات البلدية

وفي سياق متصل بضرورة إتمام تركيبة هيئة الإنتخابات، أوضح البحيري أنّ الغاية من ذلك هي تنظيم الانتخابات البلدية، معربا عن أمله في "التعجيل بإجراء الإقتراع لـ 3 اعتبارات"، أوّلها أن إجراءها في موعدها يعدّ رسالة إلى التونسيين وإلى العالم مفادها أن العملية الديمقراطية في تونس تسير بنسق طبيعي، وتتقدم نحو استكمال البناء الديمقراطي".

أما ثاني الاعتبارات فيشمل وضع حد لما يواجهه التونسي من "تداعيات الخراب الذي تعاني منه البلديات، مما يؤكد الحاجة لانتخابات تمكِّن البلديات من القيام بدورها، خصوصا وأنها ليوم عاجزة عن القيام بأي دور في خدمة المواطنين".

وثالث الاعتبارات وأهمها، بحسب البحيري، يكمن في أنّ "الانتخابات البلدية مرتبطة بمواعيد انتخابية أخرى، وتعطل موعد من المواعيد من شأنه أن يهدد المواعيد الأخرى".

وتساءل البحيري، محملا المسؤولية لمن يريد تعطيل الانتخابات البلدية: "هل هناك في تونس من هو مستعد لتعطيل الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية القادمة (متوقعة في 2019)، مع ما يعنيه ذلك من الزج في البلد في أزمة دستورية خطيرة جدا لا قدرة لنا على تحملها؟".

وذهب البحيري إلى أبعد من ذلك: "هل هناك في البلاد من يريد أن يدفع بها إلى منزلق جديد اسمه الارتداد على خيار الصناديق الحرة، والارتداد على الإرادة الشعبية المستقلة في اختيار المسؤولين والنواب ورئيس الجمهورية؟".

ومنذ مايو 2010، لم تجر انتخابات بلدية في تونس، ويقع تسيير البلديات من قبل نيابات خصوصية يعينها رئيس الحكومة.

وحدّدت هيئة الانتخابات التونسية يوم 25 مارس/ آذار 2018 موعدا جديدا لإجراء الانتخابات البلدية، عقب الفشل في الإلتزام بموعد 17 ديسمبر/ كانون أول المقبل الذي أعلنته الربيع الماضي. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.